الرئيسة \  مواقف  \  موقفنا : الممثلون في جنيف وأشياعهم ، من فقد البديل فقد الاختيار وخضع وإن باضطرار

موقفنا : الممثلون في جنيف وأشياعهم ، من فقد البديل فقد الاختيار وخضع وإن باضطرار

27.03.2016
زهير سالم




يُعيّر متحدث باسم الممثلين في جنيف وفد بشار، بأنه ( لا يملك قراره ، وأنه مضطر للعودة إلى دمشق ليقدم رأياً في ورقة ديمستورا ) . ويضيف الممثل مزهوا ( نحن نملك قرارنا ، ليس لدينا مرجعية تقيدنا ولذا رحبنا بالورقة وعلقنا عليها بملاحظتين . ) لا أدري في أي خانة يصنف العقلاء مثل هذه الكلمات ، وهل هو التمدح بما حقيقته الذم ، أو هو التعبير المناسب عن حالة انعدام الشعور بالمسئولية تجاه الموقف وتبعاته وما يترتب عليه. لست مناوئا لوفد الممثلين بل أنا داع لهم بالتوفيق والرشد وحسن الأداء وتقدير التبعة ، ولذا لن أزيد على هذه الإشارة إلا بالتأكيد على مقولة العرب ( لا يصلح لهذا الأمر إلا الرجل المكّيث ) . ولعلهم يسألون أيضا : وماذا يعني العرب بالرجل المكّيث ..؟!
جاء لقاء جنيف الأخير بعد أن ظن القائمون على المجتمع الدولي وعلى رأسهم ( الولايات المتحدة وروسية ) أن معركة إنهاك الشعب السوري لتطويعه قد بلغت مداها . إن 9000 غارة جوية نفذها الطيران الروسي على المستضعفين من أبناء الشعب السوري ، مع ما رافقها من قصف دولي وأسدي وحرب إيرانية مع تحشيد فصائل عميلة من مختلف الانتماءات كل هذا أشعر الكثير من السوريين أنهم لم يعودوا يملكون من امر معركتهم شيئا . حتى القوى السياسية التي تدرك بحسها السياسي غاية ( حرب التطويع والترويض والتدجين وكسر الإرادات ) لم تعد تجرؤ على أن تقول فيما يجري غير بعض الكلمات الخجلى ، فتتدارى وراء عبارات عامة من التمسك بالثوابت العائمة على بحر الدماء . وتسر قبولا في رفض معنعن ، لا يسمن ولا يغني من جوع .
الكل يغمغم في الخفاء . ويتفق على أن المركب يدخل مثلث برمودا برفق دبلوماسي . لا أحد يجرؤ أن يرفع رأسا أو صوتا . ربما شكل ما صدر عن فصيل ( أحرار الشام ) من موقف أشبه بحركة مريض وخزه طبيب بمسلة وليس برأس دبوس ..
ولكن لماذا لا أحد يجرؤ على قول لا ، ولماذا يصر البعض في سياق ثورة بلغت كلفتها نصف مليون شهيد ، وعشرة ملايين مشرد أن يستعيد حكمة : الاعمام والعمات : ( حط راسك بين الروس وصيح يا قطاع الروس ) . الروس المقصودون في المثل الشعبي ليسوا هم الذين يقطعون الرؤوس اليوم على الأرض السورية ..
لا أحد يجرؤ على أن يقول لخطة الاستسلام الكئيبة البائسة المقيتة ، ولا كاتب هذه السطور ، لأن على الذي يقول ( لا ) أن يقدم لملايين المستضعفين من أبناء الشعب السوري بديلا عن الواقع الذي آل أمرهم وأمر بلدهم وأمر ثورتهم إليه . ولا أحد من هؤلاء جميعا من يملك من أمر هذا البديل شيئا ، ولاسيما بعد أن انكشفت أوراق الكثير من الأصدقاء ، وعرف الناس ما عرفوا من أمر ( عبد المعين ) الأحوج إلى العون إما بما هو فيه ، وإما بما أجلب على نفسه بسوء تقدير الموقف وببؤس القرار .
( الممثلون والممثلات ) ، الذين يتحدثون باسم الثورة السورية والشعب السوري في جنيف ، لا يملكون بديلا عما يقودهم ديمستورا إليه بدبلوماسيةِ ( فدلاهما بغرور ) . والدبلوماسية هنا ضرورية ليظل هؤلاء ( الممثلون ) وأرجو فهم الكلمة بكل مستوياتها الدلالية ، يمتلكون القدرة للوقوف أمام الكاميرات للقول :( نحن عرضنا نحن عارضنا .. نحن قدمنا .. نحن أخرنا .. نحن قبلنا ..نحن رفضنا ) ، وإن كانوا في حقيقة الأمر لا يقدمون ولا يؤخرون ، ولا يسبقون ولا يتأخرون ، بل هم كما قال الأول ( ممثلون في قفص ) . وهذا ليس اتهاما لأحد منهم بل هو تقرير لواقع يحكمهم ، وإن كانوا هم الذين صنعوه.
 نقرر هذا لنعلم أن لحظة الحقيقة في سورية قد اقتربت . وأن لحظة العودة إلى البيت ، بيت الطاعة ، قد حانت ؛ إن لم يكن هناك رجال حق وصدق وجد يأخذون كتاب الثورة بقوة ، ويذهبون به إلى غايته بعزم ، وأول أمر هؤلاء الرجال بصيرة رشد تضع بينهم وبين مناورة المناورين فاروقا يفرق بين حقنا وباطل المبطلين ..
حين لا يملك الإنسان غير أن يقول فأضعف الإيمان أن يقول : لا تقولوا إن أحدا لم يقل لكم ...
رحم الله شهداء سورية وخلفها في بنيها خيرا . وعوض الله المصابين والمضحين والصابرين والمصابرين ..
ويقولون لك : متمسكون بوثيقة المبادئ الخمسة ..وأقول ماضون على طريق ثورة الحق حتى يحكم الله بيننا وبين قومنا بالحق
 
لندن : 18 / جمادى الآخرة / 1437
27 / 3 / 2016
----------------
*مدير مركز الشرق العربي
zuhair@asharqalarabi.org.uk